رواية عودة الضحية (الفصل الثاني)

وصلت نيفين إلى منزل اروى الفاخر، وكانت اروى وساهر بانتظارها، قالت نيفين:

- وانت ايضا يا ساهر هنا! هل هذا لقاء الاصدقاء القدامى؟

قالت أروى:

- عزيزتي اعتذر إليكِ بشدة، لقد تمت خطبتنا سريعا ولم ألحق التواصل معك.

- نحن لم نلتقى منذ حادثة باسم ولكنى علمت بالأمر من الجرائد، فقد نُشرت صورتك أنتِ وساهر من حفل خطوبتكم وكنت انوى زيارتكم للمباركة، ولكني انشغلت بأمرٍ ما، ولكن من الجيد رؤيتكم من جديد.

- وما الذى شغلك عنا؟

- فهناك خبرا اذا كان صدقا فسيسعدنا جميعا.

تتدخل ساهر قائلا: 

- وما هذا الخبر؟

أجابته نيفين وقالت:

- منذ عدة اسابيع كانت تصلني رسائل من باسم تفيد بانه على قيد الحياة، ولكن اخشى ان تكون مزحه فهو لم يظهر حتى الان.

نظر ساهر إلى اروى وبدا القلق والحيرة عليهما وفى داخلهما: هل نيفين محقة وباسم مازال على قيد الحياة ام انها تتلاعب بهم وهى التي ارسلت رسائل التهديد تلك؟

فقال ساهر بتوتر وقلق:

- ربما يخشى علينا من المفاجأة، وقريبا سيظهر بالتأكيد 

وقالت أروى بثبات:

- وما مضمون تلك الرسائل؟

- مضمونها انه يعتذر عن غيابه مدة عام، وانه سيعود قريبا لان هناك امرا لم ينجزه بعد.

- يبدو انه مازال يحبك اتمنى ظهوره قريبا.

قال ساهر:

- اتشوق لرؤيته مره اخرى.

عادت نيفين إلى شقتها ووضعت الرسائل التي سترسلها إلى المحقق الخاص غدا بحقيبتها ثم ذهبت في نوما عميق.

 

وبدأ التخطيط من جانب اروى وساهر:

- ساهر، لا شك ان تلك البلهاء هي من ترسل رسائل التهديد!

- لا اذا كانت هي لماذا هي من بدأت بذكر الموضوع؟ أنسيتي اننا جهزنا حوارنا لنفتح موضوع باسم ولكن بكل تلقائية هي التي بدأت.

- إنها حياتنا يا ساهر، وأرى ان نتخلص منها؛ اذا كانت هي المرسلة سيكون الامر قد انتهى، واذا لم تكن هي سيظهر حبيبها المختفي وسنكون جاهزين لملقاته.

- انها جريمة بدون قصد، لمَ علينا قتل كل من يعلم بالأمر؟ متى ستنتهى دائرة الدم تلك؟

- لا تنسى انى تخلصت من منال لأحميك واصبحت متورطة بسببك في تلك الدائرة!

- لم أنسى.. لم أنسى مطلقا انكِ من قتلتِ منال.

واكمل في داخله: منال حبيبتي.. وقاطع تفكيره ردها:

- لحمايتك!

- نعم، لحمايتي.

- إذا هل ستتحدث مع احدهم للتخلص منها ام بنفسك؟

- لست مجنونا لأدخل غريبا بيننا!

- هذا افضل. 

- ما امر ذلك المحقق؟ هل توصل إلى شيء؟

- لم يتصل بي، فأظن انه محقق خائب لم يتوصل إلى أي شيء.

- هذا أفضل؛ علي الرحيل الان لأرتب أفكاري حول كيفية مقتل نيفين بدون أي شك بالأمر.

- تناول الفطور معي في الصباح غدا وأخبرني بماذا فكرت.

- بالتأكيد عزيزتي لن اخطو خطوة قبل اخبارك.

 

في صباح اليوم التالي ذهبت نيفين إلى مكتب المحقق ادهم ومعها الرسائل، وكان حدس ادهم صحيحا فاختلاف الخط بين رسائل اروى ونيفين واضح، ثم بدأ يسألها بعض الاسئلة:

- ممكن تحدثيني عن اصدقاءك أنتِ وباسم.

- بكل تأكيد، فقد كنا ستة اصدقاء انا وباسم واروى وساهر ومنال وسعيد، انا وباسم وكنا نحب بعضنا البعض، ومنال وسعيد كانوا يحبوا بعضهما البعض، واروى كانت تحب ساهر ولكن كان حبا من طرف واحد لان ساهر كان يحب منال، حدثت حادثة سير وتوفى بسببها سعيد، وبدأ ساهر يتقرب من منال ولكن توفت منال ايضا اثناء رحلتنا للغوص تحت الماء، وبالنهاية حدثت حادثة لباسم، اما اروى بالنهاية تمت خطبتها على ساهر وهى المحظوظة بيننا، كما ان عائلتها ثرية جدا.

- هل لديك صورة لأصدقائك؟

اخرجت نيفين هاتفها وقالت:

- هذه الصورة تجمعنا هذه اروى وهذا ساهر وهذه منال وهذا سعيد.

- شكرا على تلك المعلومات.

- ولكن هل حقا تلك المعلومات مفيدة؟

- أكثر مما تظنين، والان سأبحث في الامر.

- وأنا بانتظار مكالمة منك قريبا.

وبعد أن ذهبت نيفين، قال ادهم في نفسه: بدأت الصورة تتضح الان.

 

في تلك الاثناء كانت اروى تتناول الفطور مع ساهر بالحديقة:

- هل فكرت في طريقة جيدة لمقتل نيفين؟

- ما رأيك ان ادهسها بالسيارة؟

- كما فعلت بسعيد؟ ولكن ماذا لو لحقتها الاسعاف؟ 

- اذن اصيبها برصاصة برأسها.

- ولكن هكذا ستثير الشبهات حول الامر.

- اذن ما اقتراحك؟

- أن تتسلل إلى شقتها ليلا وتسرق أي شيء وتقلب الشقة رأسا على عقب وتقتلها بمسدس كاتم للصوت.

- يا لكِ من ماكرة حقا انا اخشى على نفسى منكِ.

- لا تقل هذا انت حبيبي وخطيبي، والان متى ستفعل ذلك؟

- الليلة، ولمَ التأخير؟

- هذا افضل.

 

وفى صباح اليوم التالي كانت اروى منتظرة مجيء ساهر ليخبرها بما حدث ليلة امس ولكنه تأخر، حاولت الاتصال به ولكن بدون أي رد، فتناولت الفطور بمفردها، وكانت هناك الرسالة الخامسة في ظرف مكتوب بها: "دورك التالي!"؛ لم تفهم اروى معنى تلك الرسالة وقالت في نفسها: لقد اقتربت نهايتك أيها الفأر.

ولم تكترث إلى تلك الرسالة، وامسكت الجريدة وبدأت تقرأ الاخبار والعناوين حتى وقعت عيونها على خبرٍ لم تتوقعه، صرخت صرخة عالية عند قراءته وهى تقول: لاااااا

وكان الخبر هو العثور على جثة شاب مقتولا برصاصة وملقاً على الارض بإحدى الطرق، ومن الواضح انها محاولة سرقة نظرا لان محفظة الضحية كانت مسروقة ومرفق مع الخبر صورة للضحية وكانت تلك جثة ساهر، كما قرأ المحقق ادهم ذلك الخبر في مكتبه، واول ما جاء في ذهنه ان الفاعل هو باسم المختبئ، ولكن لماذا تأخر في انتقامه ولماذا افصح عن نفسه؟ انه حقا ماكر! فالجريمة تبدو انها محاولة سرقة، وقاطع تفكيره مجيء اروى وهى شاحبة الوجه:

- لماذا لم تعثر على باسم حتى الآن؟

- انا اعمل بالتحقيقات على هذا الموضوع، ولكن لم اصل إلى مكانه حتى تلك اللحظة. 

- لقد ارتكب باسم جريمة في حق خطيبي وقتله.

- نعم قرأت ذلك بالأخبار، عن مقتل ساهر يا آنسة اروى.

- ماذا !! وكيف تعرفت علي؟

- ألم اقل لكِ اني اعمل بالتحقيق بهذا الموضوع.

- وماذا.. وماذا علمت ايضا.

- علمت بعض المعلومات ولكن لا يهم ذلك الان، فبالنهاية تمت جريمة قتل وستتولى الشرطة هذه القضية.

- عليك ان تشهد بأمر باسم المختفي، وانها ليست محاولة سرقة ادت إلى قتل!

- هذا ما كنت انوى فعله كما انى مصدر موثوق للضباط بصفتي ضابط شرطي ذو خبره قبل تقاعدي.

اخرجت اروى من حقيبتها ورقة وقالت:

- جاءتني رسالة مكتوبا بها: "دورك التالي لأنك نسيتِ حبى".

عندما نظر ادهم إلى الخط علم انها رسالة مزيفة ولكن الحقيقة هي ان دورها التالي:

- عليكِ الحذر آنستي فالأمر خطير؛ ربما سيتعين علي الاستعانة بأحد رجالى لحمايتك سرا، واذا ظهر سيتم الامساك به قبل ان يقوم بأذيتك.

- شكرا لك، وهناك اخر طلب وهو مرافقتي لقسم الشرطة اثناء التحقيق.

- هذا شيئا مؤكد آنستي.

ذهبا الاثنان إلى قسم الشرطة واخبرت اروى بالمعلومات التي لديها كما اكد المحقق ادهم على حديثها، وجارى البحث عن باسم المفقود.

 

في المساء ذهبت نيفين إلى منزل اروى:

- اروى اعتذر حقا، لقد علمت بالأمر الان وانا اقرا الجرائد، فلم اقراءها بالصباح لأني كنت مشغولة وحزنت كثيرا، كيف حالك؟

- لقد قُتل ساهر احب انسان إلى قلبي، وسأنتقم من الفاعل وسأنتزع قلبه بيدي هاتين.

- ولكنها محاولة سرقة وهناك الالاف من اولئك المجرمين.

- لا.. انا اعرف الفاعل.

- من؟ من يكون؟؟

- انه باسم!

- هل جننتِ؟ انه مات منذ عام.

- انظري إلى تلك الرسائل، جميعها رسائل تهديد ربما يظن إنني أنا وساهر السبب في تلك الحادثة وعاد لينتقم.

- لا أنتِ تمزحين، ربما شخصا أخر يَدّعي أنه باسم.

- سأكتشف الأمر بنفسي قريبا، ولكن هناك طلب عليكِ ان تبقى بجواري تلك الفترة، هل من الممكن المكوث معي بالقصر؟ سأجهز لكِ غرفة بجوار غرفتي ربما وجودك بجواري يهون عليا تلك الفترة، أنتِ كما تعلمين والدي بالخارج من اجل اتمام احدى الصفقات. 

- نحن صديقتان، ولن اتركك بمفردك بالتأكيد.

- جيد ستقيمين معي بالقصر من تلك الليلة حتى اشعر بتحسن.

- سأذهب إلى منزلي لأحضر بعض الملابس، وسأعود في الحال.

- لا بأس، سيوصلك السائق الخاص بسيارتي.

ثم رحلت نيفين

وقالت اروى في داخلها: وها قد جهزت قطعة الجبن بالمصيدة لألتقط ذلك الفأر، وكانت نيفين تقول بداخلها: يبدو انها واثقه من ان الفاعل هو باسم وانه على قيد الحياة ولكن من الجيد ان ابقى بجوارها.

 

وأثناء ذلك جاء تقرير سري اخر إلى المحقق ادهم

عودة الضحية (الفصل الثالث)

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author