رواية عودة مصاص الدماء

 

منذ اكثر من قرن كانت هناك قبيلة سكنت بإحدى المناطق ولا ترتدى سوى الملابس السوداء ولا تظهر إلا في الليل، وبعد فترة قليلة لاحظ السكان المجاورين لتلك المنطقة ظهور حالات اختفاء للسكان وازديادها حتى قال احدهم انه رأى شخص يرتدى ملابس سوداء يحمل شخصا ويتجه نحو منطقة هذه القبيلة وقام بسرد ما رأى وبعد ان سمع المسؤول كلام الشاهد قال:

-هذا يعنى انهم مصاصين دماء.

وعلى الفور أصدر أمر بأحراق هذه المنطقة في أثناء النهار وبالفعل تم التخلص منهم وبذلك انتهت قصة مصاصين الدماء للأبد بعد احراق الجميع.

وعاش الناس فى حالة رعب خوفا من ظهورهم مرة أخرى، فقرر المسؤول بقتل كل من يتحدث عن هذه القصة وبعد هذا القرار انتهت القصة وسميت هذه المنطقة بالمنطقة المحظورة وبعد مرور السنين أصبحت المنطقة المهجورة وبقيت بعض العائلات تحكى سرا ما حدث، 

 

وبعد مرور مئات السنين وفى إحدى ليالي الشتاء الممطرة كانت الطبيبة نجوى ماتزال بالدوام بالمشفى وقبل رحيلها بقليل رن هاتفها وكانت المتصلة ممرضة بمشفى اخر وقالت لها:

-خطيبك صدمته سيارة وهو بالمشفى القريب من المنطقة المهجورة ويريد رؤيتك في الحال، سأرسل لك رسالة بالموقع.

وعلى الفور ارتدت نجوى معطفها وتوجهت إلى ذلك الطريق مرت بالمناطق وهى حريصة على ايجاد المشفى، حتى بدا الطريق في ظلام وقررت العودة لعلها أخطأت بالطريق وما جعلها تكمل الطريق هو لافته كبيرة مكتوب عليها:

"يوجد مشفى قريب من هنا على هذا الطريق" 

 

فقالت في نفسها اظن أن هذه المنطقة المهجورة ومع ذلك يجب أن اكمل السير حتى أصل، وبعد ان تحركت وسط الظلام نصف ساعة وهى تبحث عن المشفى تعطلت السيارة فجأة وعندما فحصتها لم تجد أي سبب لهذا العطل، فأمسكت هاتفها لتتصل بالممرضة ووجدت البطارية قد نفدت فوقفت قليلا منتظرة سيارة مارة وبقيت داخل السيارة مدة نصف ساعة دون ان تمر أي سيارة وكأنها علقت بالمكان لا تستطيع المضي قدما او العودة والمكان من حولها مظلم فقالت في نفسها:

-كيف اتوقع ان تمر سيارة في هذا الوقت وفى هذا المكان؟! هل يا ترى مررت بالمشفى دون أن الحظ؟  

وبدا المطر يزداد ثم رات ضوء ظهر فجأة من خلفها فأدارت وجهها ووجدت منزل كبير تم اضاءة مصابيحه الآن فقالت:

-هل يسكن أحد في المنطقة المهجورة؟ وهل عاد الى المنزل الان في هذا الوقت؟ 

يجب ان اطلب مساعدته والا سأموت من البرد.

ثم نظرت امرأة عجوز من نافذة هذا المنزل وبعد ذلك تم اغلاق المصابيح فجأة وعاد المنزل مختفى وسط الظلام 

فقالت:

-هل اختفى المنزل؟

ثم سمعت صوت امرأة عجوز قالت لها:

-مَن أنتى؟ وما الذى تفعليه هنا في هذا الوقت؟ 

 

توترت نجوى عندما سمعت الصوت فجأة ثم قالت:

-فى الحقيقة جاءني اتصال ان سيارة صدمت خطيبي وان المشفى قريب من هنا وتعطلت سيارتي فجأة.

-يمكنك البقاء في منزلي هذه الليلة فكما ترى الوقت المتأخر والمطر يشتد.

-شكرا لك، هل يمكنني شحن هاتفي لأطمئن على خطيبي؟

-نعم يمكنك.

-هذا لطفا منك. 

 

ذهبت نجوى معها وكان المنزل من الداخل مهجور وكأن لا يسكنه احد وقالت المرأة العجوز:

-يمكنك شحن الهاتف هنا حتى اعد الشاي الساخن.

-شكرا لك.

وعندما عادت المرأة العجوز ومعها الشاي لاحظت نظرة اشمئزاز نجوى نحو المكان فقالت لها:

-كما ترى حالة المنزل لا تسر، يرفض الناس المجيء لتنظيف المنزل لان هذه المنطقة محظورة بالنسبة لهم.

-لماذا محظورة؟

-ألا تعلمين السبب؟! 

-الحقيقة انا لست من سكان هذه المنطقة، لقد عشت بالخارج وقد جئت إلى هنا لأني وجدت فرصة عمل جيدة.

-حسنا سأخبرك، هناك شائعات تخيف الناس والناس صدقوا الاكاذيب، فانتي كما ترى اعيش هنا منذ صغرى ولم يحدث أي شيء.

-ولماذا تعيشي في هذه المنطقة؟

-انه منزل العائلة ولن اتركه الا عند وفاتي.

-يبدو ان الهاتف قد شحن سأتصل الان برقم الممرضة. 

 

وعندما اعادت نجوى الاتصال بذلك الرقم سمعت:

"لا يوجد هذا الرقم بالخدمة، اعد الاتصال بالرقم الصحيح"

تعجبت نجوى من هذا ثم اعادت الاتصال وسمعت نفس الرسالة ثم قررت الاتصال بهاتف خطيبها وكان الرد:

"الهاتف مغلق، اترك رسالتك"

حاولت الاتصال بجميع الارقام وكانت الرسالة نفسها فقالت المرأة العجوز:

-لعل السبب المطر الشديد لذلك لا توجد شبكة.

-نعم أنتى محقة.

-حاولِ الاتصال مره اخرى بعد توقف المطر.

-حسنا، كيف يمكنني رد جميلك؟

-ممممم شيء بسيط، هناك لوحة مرسومة وكل ما اريده منكِ تلوين لوحة.

-هذا فقط؟! إنه شيء بسيط للغاية أين تلك اللوحة والالوان؟

-بهذه الغرفة وهى التي ستقضي بها هذه الليلة

-حسنا، سأبدأ الآن.

-يجب الانتهاء قبل الفجر.

-لماذا؟

-لأنى سأرسلها في الصباح لحفيدتي.

-حسنا فهمت. 

 

توجهت نجوى نحو الغرفة ووجدت الرسمة لمصاص دماء فقالت:

-هل هذه اللوحة التي تودين ارسالها إلى حفيدتك؟

-نعم، لماذا؟

-لأنه مصاص دماء، لما لا تكون رسمة اشجار او بحر او العاب؟

-لأنها تحب قصص مصاص الدماء وظننت انها ستعجبها

-حسنا، اين الالوان؟

-انها داخل هذا الدرج.

اخرجت نجوى الالوان واقتربت من المرأة العجوز وقالت: 

-ما رايك باستخدام هذا اللون للعباءة؟

ابتعدت المرأة عنها قليلا وقالت:

-لدى فوبيا من الاشياء المدببة لذلك لا احب النظر إلى الاقلام، سأترككِ الان واعود قبل الفجر لأرى اللوحة.

-حسنا. 

 

قالت نجوى في نفسها غريب أمر تلك المرأة انها غريبة الاطوار على كل حال فهي امرأة عطوفة ولن انسى جميلها

ثم بدأت بالتلوين ونسيت امر خطيبها والممرضة والطريق. 

 

انتهت نجوى من التلوين قبل الفجر بساعة وانتظرت عودة المرأة العجوز وعندما لم تأتى ظنت انها ذهبت في النوم ثم ذهبت نجوى هي أيضا في نوم عميق 

 

وفى الصباح استيقظت نجوى وقالت: 

-ما هذا الحلم الغريب؟! 

ووجدت الغرفة مظلمة فقالت كم الساعة الان؟ هل الشمس لم تشرق بعد؟ ثم وجدتها العاشرة صباحا فقالت لماذا لم يدخل ضوء الشمس هذه الغرفة؟ 

فتوجهت نحو الستائر ووضعتها جانبا ثم صرخت ووجدت خلف الستائر حائط وعليه رسمة فتاة مقتولة فبحثت بالمنزل عن المرأة العجوز دون فائدة وكأن المرأة اختفت من المنزل ثم خرجت نجوى مسرعة من هذا المنزل وتوجهت نحو سيارتها، وحاولت ان تسير بالسيارة وبالفعل تحركت السيارة وكأن العطل اختفى فعادت مسرعة إلى منزلها. 

 

وبعد ذلك اعادت الاتصال بخطيبها وهذه المرة قام بالرد

-أين كنتِ يا نجوى؟ 

-لقد بحثت عن المشفى التي انتقلت اليها لأطمئن عليك وتعطلت السيارة بالقرب من المنطقة المهجورة واقمت في منزل امرأة عجوز هذه الليلة.

-مَن الذى انتقل إلى مشفى؟! ومَن العاقل الذى يعيش بالمنطقة المهجورة؟

-حازم لا تمزح معي، ممرضة المشفى هي مَن اتصلت بي.

-لقد قضيت الليلة الماضية في منزلي بسبب المطر الشديد.

-يا ترى مَن تلك التي اتصلت بي؟

-مَن الذى يفترض عليه أن يسال؟

-اتركني الان انا مشوشة، لقد كانت ليلة مخيفة. 

 

ثم اغلقت الهاتف وبقيت تفكر في كل ما حدث، مَن الممرضة؟ وكيف رقمها ليس مسجل؟ وماذا عن تلك المشفى؟! 

 

اما حازم سمع صديقه رامز يقول له:

-هل ذكرت ان احد يسكن بالمنطقة المهجورة؟

-نعم، هل تعرف شيئا عن هذه المنطقة؟

-انت كيف لا تعلم عنها شيئا، انها المنطقة المحظورة؟

-لا تقلقني، ما القصة؟

-كانت هناك شائعة بالماضي منذ مئات السنين بان سكان تلك المنطقة مصاصين دماء وعندما قُتل عدد من الناس بدأ الرعب ينتشر وتم اشعال النيران والتخلص منهم جميعا وبالفعل عند فحص الجثث تم اكتشاف انهم ليسوا من البشر ويتغذون على الدماء وبقي الناس يخافون من تلك المنطقة ولا يقتربوا منها.

-هذا هراء.

-نعم، انا مثلك وهذا رأيي ولكن جدتي هي من قصت علي تلك القصة.

-ولماذا لم اسمع بالقصة من قبل؟

-ربما لان عائلتك خشيت من سرد القصة خوفا من القتل.

-بدأت تقلقني فخطيبتي قالت انها كانت بهذه المنطقة وقابلت امرأة تسكن هناك

-لا ادرى الحقيقة ربما هي اشاعة مثل السندريلا وسنو وايت.

-اتمنى ذلك. 

 

حاولت نجوى التماسك ونسيان ما حدث وتوجهت للمشفى فوجدت فور دخولها المشفى صديقتها الطبيبة تقول:

-أرأيتِ يا نجوى ما حدث؟ 

-ماذا؟ 

-لقد طلبت منى الشرطة فحص جثة فتاة وكانت حالتها استثناء.

-ماذا تقصدين؟ 

-سبب الوفاة هناك شخص سحب دمها وهناك علامات وكأنها انياب على رقبتها.

-هل تمزحي؟! 

-انها الحقيقة، المشفى بأكمله متعجب من تلك الحالة.

-حسنا دعيني اراها. 

 

ذهبت نجوى مع الطبيبة إلى المشرحة ونظرت إلى الفتاة شاحبة الوجه وقالت في نفسها:

-أين رأيت تلك الفتاة؟

رواية عودة مصاص الدماء الجزء الثاني

بقلم: أمنية نبيل

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author