كانت مريهان تبحث عن شقة صغيرة لشرائها لتكون قريبه من عملها بالفرع الجديد كمدير عام بعد ان اثبتت كفاءتها في الفرع السابق، كانت مريهان فتاة حسناء في الخامسة والعشرين من عمرها، طويلة القامة، بشرتها بيضاء، عيونها سوداء، شعرها مصبوغا باللون البنى.
وبالنهاية وجدت شقة بالطابق الثاني في مبنى يبعد عن الشركة بقليل وهذا بعد مرور ثلاثة اشهر متنقله بين الايجار، وعندما نقلت اشياءها للشقة جاءت جارتها صباح للترحيب بها وتساعدها بتوضيب الشقة، وفجاءة قالت صباح إلى مريهان:
- عجيب هل الشقة غرفة وصالة؟
- نعم كما طلبتها من السمسار.
- ولكن شقتي متماثله لتلك الشقة بالطابق الثالث ومكونه من غرفتين وصالة، اين الغرفة الثانية؟
- لا اعلم شيء عما تقولين، انا فقط طلبتها غرفة واحده.
- توجد غرفة اخرى بتلك الشقة، وعلى حسب توقعي هي خلف ذلك الجدار الطويل.
- ربما ليست هناك غرفة وتم بناء تلك الشقة على هذا.
- لا، لا انا اثق بذلك، ما رأيك ان تقومي بهدم ذلك الجدار؟ لعل احدهم يخفى شيئا به.
- لا اهتم، ان الشقة تروق لي على هذا النحو، لا تشغلي بالك.
- حسنا كما تريدين والان كل شيء اصبح جاهز، هل تودين منى شيئا اخر؟
- لا شكرا لكِ.
- سأترككِ الان.
وبعد رحيل صباح قررت مريهان الاتصال بذلك السمسار:
- اهلا سيدتي.
- اهلا بك كنت اود سؤال على شيء.
- تفضلي.
- هل تلك الشقة التي انتقلت لها اليوم مكونه من غرفة ام من غرفتين؟
- لقد كانت مكونه من غرفتين ولكن المالك السابق اغلق احد الغرف قبل بيعها، ولذلك ثمن الشراء كان قليلا كما لاحظتي، كما انه ليس من حقك البحث عن تلك الغرفة، فالعقد ينص على انها غرفة وصالة وأنتِ استلمتِ الشقة على هذا الاساس.
- نعم انت محق، ولكن ماذا يوجد خلف تلك الغرفة؟ ربما قد تكون هناك جثه.
- لا شيء مطلقا انها فارغه تماما، وهذا ما أكده لي عمال البناء، ولكن احذري لأنها ليست من حقك.
- نعم اتفهم هذا، حسنا اذن.
اغلقت مريهان الهاتف وهى تفكر هل تلك الغرفة حقا فارغه؟ ربما عليها ان تتأكد بنفسها ثم تعيد اغلاقها، ولكن لن تسطيع فعل هذا بمفردها وايضا يجب ان يتم ذلك الامر بسرية تامه، وبما ان صباح الساكنة الوحيدة بتلك البناية فيجب ان تتقرب منها لتكتم سرها.
وفى خلال ايام قليلة تقربت اكتر من صداقة صباح إلى ان جاءت اللحظة التي تنتظرها صباح ألا وهى رغبه مريهان بهدم الجدار لعل خلفه كنزا، على الرغم ان مريهان كان بداخلها خوفا اخر وهو ان تكون هناك جثة.
- صباح أتعلمين انى افكر بهدم ذلك الجدار ولكنى اخشى وصول هذا الامر لمالك الشقة السابق، فانا لا اخفيك سرا ان هذا امرا مريبا ويقلقني كثيرا.
- اذا كان الامر كذلك لا تقلقي، لمَ لا تقومين بالهدم ثم اعادة البناء؟ كي تطمئني وبدون علم احد.
- هل ستساعدينني بهدم الجدار؟
- بالتأكيد سأخبر زوجي ليساعدك سرا ولكن لنا جزءا من الثروة ان وجدت.
- بالتأكيد.
وفى المساء جاءت صباح وزوجها اسعد، وظل أسعد يمسك ادوات للهدم وظل يضرب الجدار، كانت صباح ومريهان واقفين منتظرين لحظة الهدم، حتى احدث اسعد فتحه اسفل الجدار تكفى للمرور لتلك الغرفة، ودخل الثلاثة، ولكن الحقيقة الصادمة ان الغرفة خاليه تماما وليس بها سوى علبه من الورق المقوى متوسطة الحجم وملفوفه بالورق اللاصق، قامت مريهان بفتح تلك العلبة لترى ماذا بداخلها، وكانت مرآه متوسطة الحجم ولا يوجد أي شيئا اخر..
قالت صباح إلى مريهان:
- ربما تلك المرآه اثرية، لمَ لا نحاول بيعها وتقسيم ثمنها بيننا؟
- لا اظن ذلك تبدو عادية.
- سنجرب ولن نخسر شيء، هيا اعطي تلك المرآه إلى زوجي.
- ولماذا لا تبق معي؟
فقال اسعد إلى مريهان:
- لأني سأبحث عن خبير ليقوم بتقييم تلك المرآه، ولكن اذا بقيت معك تلك المرآه ربما يتم النصب عليك.
وكان يمسك الفأس بيده اثناء قول ذلك الكلام وهو يقترب من مريهان، حتى شعرت مريهان في تلك اللحظة انها اذا لم تعطيه المرآه ربما سيقتلها ويدفنها دون يدرى احد وكان الخوف يملئ قلبها.
فقالت مريهان: موافقه.
وفى داخلها تقول كم اتمنى ان اتخلص منك ومن زوجتك الان؛ وفى تلك اللحظة امسك اسعد المرآه وفجاءة خرج من المرآه ثعبان عملاق ابتلع اسعد وزوجته وعاد مره اخرى للمرآه وبقيت المرآه على الارض، ولكن لم تنكسر المرآه وكان مكتوبا على المرآه بالدماء
"يتم الان تحقيق الامنيه الاولى"
وقفت مريهان لحظه متوقفة عن التنفس ولا تستطيع الحراك ولا تصدق ما يحدث حقيقة ام حلما ثم خرجت تصرخ من الغرفة دون توقف، وبعد ساعات قررت الدخول إلى تلك الغرفة مره اخرى، ووقفت امام المرآه وبقيت تتحدث، وكانت المرآه تجاوب بكتابات من الدماء تظهر عليها:
- اريد ان افهم ماذا حدث؟
- "انا مرآه لتحقيق الامنيات ونفذت اول امنيه لكِ"
- اين اسعد وصباح الان؟
- "لقد تم التخلص منهم للابد وهذا ما تمنيتِ حدوثه"
- كم عدد الامنيات التي استطيع ان اتمناها؟
- "خمس امنيات ولكن هناك شرط بعد تحقيق كل امنيه ليتم تنفيذ الأمنية التالية"
- وما هو ذلك الشرط؟
- "تحضري اضحيه وتضعي دمائها في وعاء وتضعي الوعاء بالغرفة ولا تدخلي مدة ساعة وعند الانتهاء من ذلك من حقك ان تتمنى امنيتك التالية"
ذهبت مريهان في اليوم التالي إلى العمل وهى تفكر في ما حدث امس، وكانت في مكتبها شاردة الذهن حتى جاءت السكرتيرة لتخبرها هناك موعد مقابلة الان:
- هناك شابا ينتظر من اجل التحدث معك بخصوص وظيفة الحسابات الفارغة، وهذه استمارة البيانات الخاصة به.
- اطلبِ لي فنجانا من القهوة ثم ادخليه.
- حسنا.
وبقيت مريهان تقول لنفسها بالتأكيد كان حلما، عند عودتي سأطرق باب شقة صباح وستفتح لي الباب، علي الان التركيز بالعمل، قام الشاب بطرق باب المكتب قبل دخوله:
- تفضل بالجلوس.
- شكرا لك.
- حدثني عن نفسك.
- ادعى لؤي ابلغ من العمر السابعة والعشرين تخرجت من كلية التجارة وعملت محاسبا في احدى شركات المواد الغذائية.
وكان لؤي شابا وسيما وجذاب، طويل القامه عيونه زرقاء وشعره اسود.
- ما سبب تركك للعمل؟
- لأنه كان هناك تلاعبا بالحسابات ولكنى رفضت العمل بتلك الطريقة فقام مديري بالتخلص منى.
- ولمَ لا تذهب إلى المالك وتخبره بما يفعله المدير؟
- فعلت هذا، ولكن لأن هناك نسباً بينهم لم يتغير شيء بالنهاية.
- اتفهم الامر ولكن الامر مختلفا بشركتنا فكل شخصا هنا يعمل على نجاحها، وارى ان لديك خبرة واسعه ونحن بحاجه إلى تلك الكفاءة، ستعمل ثلاث شهور بعقد مؤقت وبعد ذلك عقد سنوي.
نظر لؤي إليها نظره ساحره وهو يقول
- هذا جيد.
- تستطيع الحضور من الغد.
ثم طرقت مريهان زر فجاءت السكرتيرة، وقالت لها مريهان:
- انه لؤي موظف جديد بالشركة وسيعمل من الغد، اجعليه يجلس مع مدير الحسابات الان.
- حسنا، تفضل معي يا سيد لؤي.
وبعد ذهابه قالت مريهان:
- لمَ قلبي يدق بتلك الطريقة؟ هل.. هل هو حب من اول نظره؟ لا، لا ربما هذا بسبب قلقي مما حدث امس، نعم، نعم هذا بالتأكيد.
وبعد الانتهاء من العمل ذهبت مريهان إلى شقة صباح وظلت تطرق الباب دون أي رد، ثم عادت إلى شقتها ودخلت تلك الغرفة لتتحدث مع المرآه:
- اتمنى ان يعود اسعد وصباح إلى الشقة.
- "هذا غير ممكن".
- لماذا؟ انها أمنيتي التالية.
- "ان الأمنية التي تحدث لن تعود، كما انك لم تقدمي اضحية الامنية الاولى بعد"
في صباح اليوم التالي ذهبت مريهان إلى العمل، وجلست بمكتبها ودخل لؤي ليسلمها بعض الاوراق، ولكن تفاجأت مريهان ان لؤي يرتدى دبلة بإصبعه، فقالت له:
- هل انت خاطب؟
- نعم، ولكن امس نسيت ارتداء الدبلة بسبب انشغالي بالمقابلة.
- وهل هي خطوبة عن حب؟
- نعم، عن قصة طويلة.
- اتمنى لكم التوفيق.
- شكرا لكِ.
- عليك تجهيز اوراق حسابات الشهر الماضي وعند الانتهاء قدمه إلي.
- حسنا.
وقبل انتهاء دوام العمل بلحظات جاء لؤي إلى مكتب مريهان وقال:
- هذه الاوراق التي طلبتي منى تجهيزها.
- انت حقا شابا مجتهد، هل حقا قمت بتجهيزها اليوم؟
- نعم، اعمل عليها منذ الصباح.
- اتركها هنا وسأراجعها غدا، فقد انتهت ساعات العمل.
- -لا بأس، ولكن اين تسكنين؟
- شقتي بالشارع المجاور للشركة قريبه للغاية.
- هل تسمحي لي بإيصالك؟
ورن هاتف لؤي وكان الاتصال من مخطوبته..
- عزيزتي، نعم انتهيت الان.
- حقا أنتِ بالخارج؟
- نعم، اجمل مفاجأة..
واغلق المكالمة، وفهمت مريهان من ردود لؤي ان مخطوبته منتظرة اسفل الشركة وهذه مفاجأة له، ولم ترد احراجه فقالت:
- اسبقني بالرحيل، فقد نسيت ان على فعل بعض الاشياء قبل الرحيل.
- حسنا، كما تريدين.
ونظرت مريهان من نافذة مكتبها ورأت
لؤي يعبر الشارع ليقابل فتاة شديدة الجمال ورأت ابتسامتهم وبقيت عيونها نحوهم حتى اختفوا عن الانظار، وبعد ذلك عادت إلى شقتها ومعها دجاجه وقامت بذبحها واخذت دمائها وتركت الغرفة مدة ساعة وبعد الانتهاء وقفت امام المرآه
- لقد فعلت اضحية الامنية الاولى ولكن ما تلك الرسمة الغريبة التي ظهرت على الجدار بالدماء؟
- "هذا ليس من شأنك والان من حقك الامنية الثانية"
قصة المرآه الملعونة الجزء الثاني
بقلم: أمنية نبيل
You must be logged in to post a comment.