كان الطيف نادرًا كما وأنها المرة الأولى التي تراه بها ..فكانت كلّ الروابط الروحيّة قد شاكت ولم يعد عقلها يعي من يكون هذا ..فإن كانت تجهله ،لمن تعود تلك الملامح إذًا؟!..فهي ملامحٌ فاضت بها العيون حدّ الوتين ..لمن هذه التفاصيل ؟ ..بدت وكأنها عرّافة تقرأ الفنجان محدّقة بأهدابه ..جفونه ..حتى تلك الخطوط تحت العين لم تغفلها في تحديقها ..فقد دفعها ذلك الصراع الرّوحي للتحديق بجنونٍ يكاد يدمي عينيها تواجه لحظاتهما بهذيان يفوق حتّى مرارة العلقم فكان الدواء ذات الدّاء فأنت داؤها ..فإذا فتر القلب يا سيدي تفتر معه الروح وتتوالى الهزائم في مواجهة الذاكرة ..معادلة بسيطة في قانون بشريّ ..تبنى فيه الخسائر على هامش الحياة ..وتبقى الطريق نافذة.
يعدلون عمّا قد يلوذ بنا نحو الطريق المعاكس لهم ..ونحن لا نملك لأنفسنا سوى مساراتٍ حددتها أقدارنا ولا بد من التزامها ..ففي عهدهم لنا مخالفاتٌ لما قد قُدّر ووجب حدوثه ..عزيزٌ علينا ما قد عهدتم على أنفسنا ..ويحقّ لكم رد العهود!..ربما يكون ذلك متعلقًا برغبةٍ ازدواجية تجمع ما بين كونكم ناطقين للعهد وأخرى تشرح تسليمكم المبطن للقدر..ربما نحن من تظاهرنا بالقدرة على الاستمرارية على الرغم من أواصر المقاومة وتهتك جميع الخيوط الدقيقة منها والغليظة تلك التي قد تغذي قلوبنا ..ثم ينقضُّ الآخر على فتاتٍ هشٍّ متناثر ..من بقاياه..ويعدو بالخاطر نحو السماء السابعة ..يطوّف سكناته ويعيده مكدّرا..ربما كان جبروتكم قد أحزن أنوثتنا..إلى أننا كنا وما زلنا قلبًا نابضًا لا تستمر الحياة إلا به.
يكاد يبدو الأمر كما والتقاء محيطين في بقعة معينة ..كشروق لا يعرف الغروب ..كما الفوضى ترسم لوحةً تجمع جمالًا غريبًا لا يفهمه العقلاء الثابتون..بل يفهمه المتمردون الثائرين على عشوائية التفاصيل الصغيرة ..كلَيلةٍ من ليالي شهرزاد..تقطن الرغبة بالحياة في أعماق بشريّتها..وتدفع بنفسها نحو النجاة بقصصها..كذلك يبدو الأمر ..كلون الغروب يملك جمال العالم وينذر بقدوم ليل للون كحٍل بعيني عجوز ..كذلك كان الأمر ..أشبه بضياع الحروف وتعلثمها بمنطق أحدهم عندما ينظر برسم عيني عشيقته ..أشبه بتنهيدةٍ حافتةٍ تدّعي الخجل خلف وجه حسن وأنين الحنجرة يجلجل في العوالم مفصحًا عن تعبٍ هُدّت له الأجزاء .
You must be logged in to post a comment.