اتغار من بعوضة لأنها تستفز فيك هشاشتك.. تمتص دمك ثم تبصق في وجهك عندما لا يعجبها النيكوتين الذي يتدحرج في دمك الملون كقوس قزح..
انها حرة على كل حال تمتلك جناحين.. تمتلك حق ارتشاف وجودك.. وانت فاقد حواسك العشرة وتكتفي بالتذمر من ذلك الطنين الذي يوقظ فيك عبوديتك داخل هذا الجسد الأمي..جسد بلا جناحين وبلا طنين..
تستطيع قتلها والتخلص من حريتها التي تدور في رأسك كفكرة منتهية الصلاحية..لكن من سيقتل عار تلك اللحظة التي راودتك فيها بعوضة عن حريتك المبتورة..!
ثم تسأل نفسك هل يمكنك القفز دون ان يرتطم وجعك بالسقف
او تمد اصابعك دون ان تلتهمها الريح المصابة بهستيريا النوافذ..؟
بالطبع لا.. فوجودك يساوي صفر كفكرة برزخية بين القيامة والقيامة..
او كبجعة قبل موتها بخمس دقائق تخرج عن صمتها..تخرج عن صوتها.. لتقول انا هنا امارس رياضة الموت.. ولن يسمعها سوى الصدى الفضولي..
فلماذا لا تتوقف اذن عن ترميم البدايات المثقوبة وعن السير نحو وجودك جلجامشي الفناء..!
عندها ستتناول مئة فكرة دفعة واحدة لإعتقادك بأنها طريقة باذخة للانتحار..
لكنك ما زلت هنا تتقيأ هشاشة وجودك..
وتدور كبهلوان مبتور حول الحياة تقدسها تحاربها ثم ترمها بأقرب سلة مهملات..
وستدرك متأخرا عندما تسقط من المزاريب كحمولة مطر زائدة بأن الأشياء كل الأشياء ستنتهي بذات السخف الذي بدأت فيه..
فنحن مصابون بلعنة الغرق المتكرر وكل مرة نغرق في شبر الفراغ ذاته حيث لم تمنحنا الحياة ترف ابتلالها ..
نحن ضحايا الدوائر السرمدية.. إغتالت القراصنة وجوهنا وحكمت على ملامحنا بالعدم..
نحن الضحايا لا احد يعرف اعدادنا.. سيقولون سبعة وثامتهم حزنهم.. وقهرهم ناصب كفيه في الوريد..
سيقولون اشياء كثيرة لكن لن يعرف احد اننا كُثر وعددنا "صفر"
روعة
You must be logged in to post a comment.