من رحم المعاناة

في خضم الأزمة التي نعيش ، ووسط كل هذا الضجيج الذي ما يلبث أن ينتهي حتى يعود ثانيةً ، بجانب كل تلك الظروف التي نعيش يولد من رحم المعاناة الفرج ، وإنما يكون الصبر بالتصبر، وما يأتي ضوء الشمس إلا بعد ظلام حالك فذاك العجوز القابض على عكازه يستذكر كل أيام المعاناة التي مر بها والتي رسمت على وجهه ما رسمت لكن كل تلك الرسوم لم تستطع أن تخفي ابتسامته وفرحه عند لقاء حفيده ، أو رؤية ابنه الصغير لابسًا ثوب تخرجه ...

الصبر مفتاح الفرج ، واشتدي أزمة تنفرجي ...جمل نصطحبها معنا كلما كبرنا كلما واجهتنا العقبات في طريقنا نتسلح بها ، نعم فما علينا نحن معشر البشر إلا أن نعمل بالأسباب ثم نتوكل على الله الذي يعلم السر وأخفى ، يعلم أن ذلك البلاء في ثناياه خيرات كثيرة قد لا تراها ولا تشعر بها لكنك ستدرك بعد انقضائه أنك أخذت من البلاء الكثير من الدروس والعبر بل الدرر. 

فما كان الجبل ليكون شامخًا بهذا الشموخ إلا بعد الانهيارات والزلازل والبراكين ...، وما كان ليكون فرح الأم بالمولود الجديد فرحًا مبهرًا إلا بعد تلك الألام في الحمل والولادة ، فلمَ نستعجل الفرج ونتسخط من القدر إن كان الأمر كذلك فلا تسأل الله رد القضاء وإنما اسأله اللطف فيه 

لطالما سمعنا قصص نجاح كثيرة وجدت في أوساط الفقر والذل والعوز والمرض لو استسلم هؤلاء لهذه الظروف لاستطاعت الظروف أن تجعل منهم عبيدًا لها ، لكنهم أدركوا أهمية أن يجتازوها وأن لا يجعلوا منها عقبة في طريقهم الشاسع ، بل استمروا في ري أحلامهم حتى كبرت وأثمرت ، سلام على هؤلاء الأبطال الذين شقوا طريقهم في الصخر ، الذين ما أخافتهم أصوات الريح العاصف من حولهم ولا أخافتهم عتمة الطريق .