" نوفمبر البارد "

" نوفمبر البارد "

صباح نوفمبري عطر، يعلن بداية صباحات باردة، يعلن بداية جمال مكتظ، قد يختلف البعض في مفهوم نوفمبر وتكوينه، لكن الكلّ يتفق على أنهالأجمل بين فصول السنة كلها. 

أوراق الشجر التي تتساقط لتتيح الولادة لأوراق جديدة

فتضرب بذلك أروع الأمثلة في التضحية.

ذلك البرد الخفيف الذي يساهم في تكوين رائحة الأرض، وتلك الليالي التي تكون فيها السماء ملبّكة بالغيوم حول القمر، بانتظار الشتاء الجميل.

تتغير الأرواح فيه، كما تتغير الملابس، ترى الأرواح مفعمة بالأمل، بالنشاط، وباستقبال عام جديد، بعيدًا عن كلّ ما عانت منه في عامها الماضي.

نوفمبر مهد الجمال، منظور الجمال يختلف فيه، تلك الشوارع اللامعة، التي عكّر صفو لمعانها أوراق الشجر المتساقطة، إن أكثر ما يشدني به، هو أنهيعلن بداية الشتاء، يعلن زوال النهار الطويل، ودخول الليل كمهيمن على المشهد طيلة الشتاء الجميل.

نوفمبر العزيز، تسائلت في حيرة، تُرى، ما الضير لو كانت شهور السنة كلها نوفمبر، بحلّته، بجماله، وبرعشة الصباح خاصته !

في نوفمبر تتغير الأحلام، تتغير الآمال، ويتغير نمط الحياة الروتيني الذي عرفنا، تتغير الموسيقى، محروم من لم يحضر صبحًا محملًا بالموسيقىوكثير من الأمنيات.

في نوفمبر الكثير من الموسيقى، تراها تحفّ القمر النوفمبري، فتشكل لوحة فانكوخيّة بحتة، للموسيقى جمال في هذا الشهر المجيد.

تمتاز عيون العشّاق فيك، فلا ترى فيهم سوى اتساع حدقاتهم، وشغفهم للمحبوب.

حتّى السماء تظهر بلون مختلف، لون نقاءه بامتزاجه صباحًا بنور يتسلل عنوة، وليلًا بزرقة مسودّة تعكس منظورًا مختلفًا للجمال.

نوفمبر مهد ولادة جديدة، وعين على حقيقة الحلم، شهر يحبّ الحالمين، شهر يجلس فيه الحزن جانبًا، فهذا ليس مقامه.

لم يكن يومًا سوى مَلَكة لكل من عرف، له رونق محروم من لم يحضره، السلام عليكم أحباب نوفمبر، السلام على الحالمين، أولائك الذين عرفوا الجمالفلاحقوه إلى أن تمكنوا منه، فصارت عيونهم لا ترى سوى جمالًا

السلام على أهل الحلم، أولائك الذين مضوا فيه من غير اكتراث لما يحفّه من مخاطر وألم، أولائك الذين لم يتغيروا ولم يتبدلوا في سبيل مسعاهم،السلام عليك نوفمبر، يا من تجمع الموسيقى، البرد، والمناظر البديعة، السلام عليك إلى أن يفنى السلام، نحن نبحث فيك عنّا، عن نفوسنا التي سرقتهاشهور سبقتك، شهور لا تعرف إلّا الرتم السريع، فمرحبًا نوفمبر، أعدنا إلى أنفسنا، مرحبًا بك، ومرحبًا بجمالك.

" محمود مسّاد "