هذيان

بنكهة الماء ..
بلون الماء..
وحتى ذات الرائحة أيضًا ..
بعبقٍ باردٍ غير دافيء..
كركنٍ على مرفأ ..بلا طيور نورس ..
كمسرحٍ مَيْت ..بأخشاب أثقلتها الرطوبة..
كموج بحرٍ عانقته الكهولة ..
كدمية بلا طفل ..
كصوت اسمه من غير حنجرة ..

جائعة زقاق الروح عطشى ..
جافّةٌ مغبرّةٌ ..
ضاقت على قاطنيها الرّاحلين ..
يتوسّد وهمهم جدرانها ..
والتي ترك الظمأ فيها جروحًا نطقتها الجدران الضخمة اليابسة ..
فبانت الشقوق تقسم الجدار نصفين..
فلم تعد النوافد شهقة الجدران ولا حتى تنهيدة ..
فاض بكل ما يحمل من قسوة فغلبت تصدعاته عظمته ..

كجنة دمرتها حرب ..
كقداسة المعالم دنّستها نقوش يهودية ..
كسرب الحمائم مهاجرًا ..
يترك شراكة حياة مع وطن ..

تمرّد الحنين كما أقحوانةٍ نبتت من شَقّ الرصيف..
كطبشورة رسمت قلبًا أحد أطرافه يحمل علامتي سؤال..
ليلٌ رمى بوشاح سيادته ..
فتستّرت به ثرثرات الروح ..
حتى يحلّ الصبح ..
فيكشف ما كان من الوصل المذبوح ..
فما الفائدة من ذبح الذبيح حينها..

غاب الشفق بألوانه ..
حلّ الرّماديُّ بجاذبيّة ملفتة ..
وتمنّع البدر تمنُّع الرّاغب بتغيير ليله ..
جلُّ التفاصيل باتت بلون العتاب ..
ذاته الذي فاضت به سُحبَ الخيبة ..

نهذو والهذيان سَبقٌ للواقعية ..
فلو أردت معرفة الحقيقة ..دع الخلوات تبوح لك بسرّك ..
وستعرف أنت عنك أكثر ..

ككل شيء لا يعرف الحياة ..
ككل شيء لا يعترف بالحياة..
ككل شيء فُقٍدت منه الحياة..

راود القلبَ شوقٌ مبعثر بقطع لا تصحُّ إلا به ..

كلعبة تركيب بيد طفل يرغب بترتيبها لعله يرى وجه كرتونه المفضل بلهفة ..

وكأنه بدأ يدرك قدراته العقلية ويشعر بإنسانيته وشغفه للحياة عن طريق ذلك الكرتون ..

فيشكل له نقطة اكتشاف الذات ..

دقائق العمر لا تدرك لا تَحْسَب ..

كما بدأنا بشهقة حياة ..

سننتهي بشهقة الوداع..

وكل الجدران والأعمدة ..الأرصفة والمقاعد 

كلّ الوسائد والأغطية ..كلّ النوافذ والزوايا

كلّ التفاصيل ..كلّها ..باردة..لا روح فيها ..

كشتاءٍ فقد حنينه ..وفقد فيه السّاهرين الغطاء

كلها مثلي ..

مثلي تمامًا ..

كلاجئٍ بلا وطن ..

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments
ملاك عبدالله - سبتمبر ١٩, ٢٠٢٠, ١:٣١ م - Add Reply

روعة

You must be logged in to post a comment.
ملاك عبدالله - سبتمبر ١٩, ٢٠٢٠, ١:٣١ م - Add Reply

روعة

You must be logged in to post a comment.
آلاء عرب - سبتمبر ١٩, ٢٠٢٠, ٥:٢٢ م - Add Reply

ذوقك 😍

You must be logged in to post a comment.

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٤ ص - عبد الفتاح الطيب
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
About Author